نقوش كيرينايكي الإغريقية (IGCyr) ونقوش الشعر الإغريقية الكيرينايكية (GVCyr) يعد هذا العمل النسخة الثانية لنقوش كيرينايكي الإغريقية (IGCyr) ونقوش الشعر الإغريقية الكيرينايكية (GVCyr) وهو تحديث للمجموعتين المنشورتين والمتاحتين على الإنترنت منذ عام 2017: تشمل الأولى كل نقوش كيرينايكي الإغريقية من القرن السابع إلى الاول قبل الميلاد، وتحتوي الثانية على النصوص الشعرية الإغريقية لجميع الفترات الإغريقية والرومانية (القرن السادس ق.م. – القرن السادس الميلادي)، وتعتبر هذه النسخ ا الجديدة لمهمة للنقوش الكيرينايكية جزء من المشروع الدولي، نقوش ليبيا Inscriptions of Libya (InsLib)، وتشمل الآن المعلومة لدينا حتى فبراير 2024، جاءت من هذه المنطقة من عالم البحر الأبيض المتوسط القديم، وتم تجميعها ونشرها معًا ومتاحة عبر شبكة الإنترنت.
عن المشروع يوجد في هذا القسم معلومات عامة عن مشروع IGCyr-GVCyr. أولاً: تقديم لأصل المشروع وتاريخ تطوره ليدخل في الإطار العام الأوسع، نقوش ليبيا (InsLib). ثانياً: وصف محتوى المجموعتين وتفاصيل النسخة الرقمية. يلي ذلك عرضًا ملخصاً لتاريخ كيرينايكي الإغريقةن ثم موجزاً لتاريخ الدراسات المتعلقة بالبحوث الأثرية والكتابات المنقوشة حول إقليم كيرينايكي.
المشروع
المجموعة الشاملة لنقوش كيرينايكي الإغريقية كانت مُبتغًا لطالما راود عقول البُحاث في التاريخ القديم. إن نقوش كيرينايكي الاغريقية التي تعود إلى العصرالآرخي والكلاسيكي ثم الهللينيستسي كانت حتى عام 2017 مُبعثرة في منشورات مختلفة بعضها عفا عليها الزمن، في حين أن النصوص الجديدة المكتشفة قد رُجعت وثقت بشكل أفضل. بعد نشر النسخة الأولى تبينت لنا وجود بعض الأخطاء وتوفرت لنا بعض الاكتشافات الجديدة وأصبح من الممكن إضافة بعض الأجزاء المهملة. إضافة إلى ذلك فإن نشر المزيد من الدراسات جعل من العمل على إخراج الطبعة الثانية أمر مرغوب فيه. علاوة على ذلك، مع وجود وسائل التنولوجيا الجديدة EFES" أصبح إعداد مجموعة كتابية رقمية أسهل بكثير.
في عام 2011 وافقت كاثرين دوبياس-لالو (Catherine Dobias-Lalou)- التي كانت عضواً في البعثة الأثرية الفرنسية في ليبيا منذ عام 1976 وكانت تعكف على دراسة نقوش الفترة الإغريقية منذ عام 1970- على إعداد مجموعة كتابية شاملة في (ترميز وتوثيق النقوش EpiDoc) بالتعاون مع باحثين من جامعة بولونا Bologna وهم لوتشيا كريسكولو Lucia Criscuolo و أليس بينسيفيني Alice Bencivenni وكذلك سيلفيا ماريا مارينقو Silvia Maria Marengo و جيانفرانكو باتشي Gianfranco Paci من جامعة ماشيراتا Macerata بالإضافة إلي سيمونا أنتوليني Simona Antolini من جامعة روما تور فيرقاتا Roma Tor Vergata.
وفي العام نفسه أصبحت نقوش كيرينايكي الإغريقية (IGCyr) جزءاً من مشروع النقوش الليبية الدولي Inscriptions of Libya (InsLib) ، الذي يشمل نقوش تريبوليتانيا الرومانية (IRT) Inscriptions of Roman Tripolitania ، المتاح حالياً على الإنترنت، (حيث أشير إليه بهذا الاختصار ] [IRT 2009] ولكنه الان تحت الاختصار [IRT2021] ومشروع نقوش كيرينايكي الرومانية، )الذي كان تحت الاإنجاز في ذلك الوقت وهو الآن متاح على شبكة الإنترنت تحت هذا الاختصار [IRCyr2020])، وشقف الفخار التي عليها كتابات (ostraka) من حصن بونجيم Ngem Bu (متاح حالياً على موقع [Papyri.info]) والآن دُمج مع [IRT2021]. في مايو 2011 أجرى اتفاق على مشروع تعاوني بين عدة أطراف وهم شارلوت روشي Charlotte Roueché وكاثرين دوبياس -لالو Dobias-Lalou Catherine ولوسيا كريسكولو Lucia Criscuolo وشمل ايضاً جامعة بولونا (Dipartimento di Storia Culture Civiltà) وجامعة ماشيراتا (Dipartimento di Studi umanistici) وجامعة السوربون الرابعة بباريس (Centre de recherche sur la Libye antique) بالإضافة إلى كينقس كوليج بلندن (Centre for Hellenic Studies and Departme nt of Digital Humanities).
ومنذ ذلك الحين، صُممت مجموعة نقوش الشعر الإغريقية الكيرينايكية (GVCyr) منفصلة عن مجموعة نقوش كيرينايكي الإغريقية (IGCyr). وهي تحتوي النصوص الشعرية الإغريقية لكل من الفترين الإغريقية والرومانية في كيرينايكي. و كإضافة أساسية لمجموعتي IGCyr وGVCyr وكذلك كنتيجة طبيعية لدراسة النقوش فقد أعدت خطة لنشر Prosopographia Cyrenaica Prosopographia] تعني البحث أو التحقيق في المميزات العامة لمجموعة تنتمي لفترة تاريخية معينة]. (إعداد: أليس بينسيفيني. مراجعة: شارلوت روشي. ترجمة: منى عبدالحميد)
Alice Bencivenni (rev. Charlotte Roueché; translated by Muna Abdelhamed)
IGCyr2 | GVCyr2
جمعت IGCyrحصيلة 920 نقشًا من كيرينايكي خلال العصر الإغريقي (القرنين السابع إلى الأول ق. م.)، وتم نشر معظمها سابقًا، وأحيانًا في إصدارات يمكن تحسينها، في حين لم يتم نشر 125 منها. يوفر IGyr2 الآن 955 نقشًا، مع 43 عنصرًا جديدًا و8 تم حذفها تعتبر الآن أجزاء تنتمي إلى نقوش أخرى أو إلى فترة زمنية مختلفة، ومن بين الإدخالات الجديدة 29 منها غير منشورة. تحتوي مجموعة GVCyr على 56 نقشًا إغريقيًا لنصًا شعريًا من كيرينايكي خلال العصرين الإغريقي والروماني؛ تم بالفعل نشر 48 منها، لكن لم يتم مطلقًا دراستها معًا. يحتوي GVCyr² الآن على 59 مدخلًا، مع جزء واحد غير منشور، ولم يتم تغيير الأرقام القديمة، ومنحت الإدخالات الجديدة أرقام مداخل جديدة، وتظهر في هذه الطبعة ولأول مرة قدر كبير من التراجم العربية الجديدة.
تمت إعادة قراءة معظم هذه النصوص من قبل كاثرين دوبياس لالو Catherine Dobias-Lalou التي تمكنت من خلال صفتها عضوًا في البعثة الأثرية الفرنسية في ليبيا منذ عام 1976، من فحص معظم المواد المتوفرة في شحات (قورينا)، وسوسة (أبولونيا) وقد قامت بزيارات قصيرة إلى طلميثة (بطوليمايس)، توكرة (تاوخيرا)، بنغازي (يوسبيريدس/بيرينيكي) ومواقع أخرى، وقد أجريت المزيد من التحسينات بواسطة جيانفرانكو باسي Gianfranco Paci وسيلفيا ماريا مارينغو Silvia Maria Marengo اللتين درستا نقوشًا من كيرينايكي لسنوات عديدة، وكان من الممكن أيضًا الاعتماد على أرشيف النقوش لمتخصصي نقوش البعثة الإيطالية المحفوظ في جامعة ماشيراتا Macerata. استفادت IGCyr2 الآن من الإصدارات الجديدة لإميليو روزاميليا Emilio Rosamilia (بعثة جامعة أوربينو Urbino)، المنشورة وغير المنشورة، ومن أحدث النتائج المهمة التي توصلت إليها بعثة جامعة كييتي Chieti، برئاسة أوليفا مينوتزي Oliva Menozzi (ستيفانو ستروفولينو Stefano Struffolino فيما يتعلق بالنقوش)، واستفيد كذلك من مجموعة GVCyr المنسوبة إلى وثائق جويس رينولدز Joyce Reynolds المشتملة على عدد يسير من النصوص الشعرية من الفترة الإغريقية بما في ذلك بعض العناصر غير المنشورة. بالنسبة لـ GVCyr² نضيف اكتشافين حديثين وجزءًا كان في السابق مهملًا، وتم إدراج الوثائق النثرية والشـعـرية في مجـموعة GVCyr باستثناء ]رابط إلى [GVCyr²033 ورابط إلى IGCyr² 097100] [ وهي إدخالات متميزة؛ الشيء نفسه بالنسبة إلى الرابط إلى [GVCyr²042] والرابط إلىIRCyr20 C.415] وتم نشر كل هذه النقوش عبر الإنترنت، في طبعة نقدية واحدة جديدة بفضل لوسيا كريسكولو Lucia Criscuolo، وأليس بينسيفيني Alice Bencivenni، وجامعة بولونيا Bologna التي تستضيف كلا الطبعتين من مجموعة IGCyr-GVCyr.
تتكون المجموعة من تدوينات ورسوم توضيحية لغالبية النصوص المحفوظة في أرشيفات مركز البحوث حول ليبيا القديمة في جامعة السوربون - جامعة الآداب، وفي الأرشيف الشخصي لكاثرين دوبياس لالو وفي أرشيفات جامعة ماشيراتا، وبعض ماتبقى موضح في صور ضوئية محفوظة في أرشيفات إدارة مراقبة الآثار في شحات (قورينا) وكذلك في أرشيفات البعثات الأجنبية الأخرى. علاوة على ذلك، استفادت كاثرين دوبياس لالو من أرشيف مشروع IRCyr في لندن والذي وضع بسخاء تحت تصرفها. وباعتنبار أن النقوش المرسومة على الأواني الفخارية تمثل جزءًا من من مجموعات أخرى فإنها لم تدرج هنا، انظر إلى رابط إلى AVI [ والتعليقات التوضيحية على العملة المعدنية والعلامات على الأمفورات والقرميد.
ينشر مشروع نقوش كيرينايكي الإغريقية هذه المواد في مجموعتين من مجموعات EpiDoc عبر الإنترنت: IGCyr² وGVCyr²، اللتين يمكن الرجوع إليهما بشكل منفصل أو البحث عنهما بشكل مشترك، ويعرض كل سجل نقش البيانات الوصفية، وقائمة المراجع، والنص الإغريقي، والتحليل apparatus، والترجمة إلى اللغات الحديثة (الإنجليزية والفرنسية والإيطالية وجزءًا منها بالعربية)، والتعليقات، بالإضافة إلى المجموعة الكاملة المتاحة من الرسوم التوضيحية. يتم تقديم المجموعات الجديدة في سلسلتين من الوثائق؛ ولكن، كما هو الحال مع IRT ومجموعات IRCyrفهي تتضمن أيضًا معلومات جغرافية مرتبطة بمختلف المشاريع التي تم جمعها على الموقع الإلكتروني [رابط إلى الفهرس الجغراقي لأسماء مواقع التراث الليبي Heritage Gazetteer of Libya]، الذي طورته جمعية الدراسات الليبية في لندن (الآن المعهد البريطاني للدراسات الليبية وشمال أفريقيا(Now: the British Institute of Libyan and North African Studies ‘BILNAS’)
Alice Bencivenni (rev. Charlotte Roueché, translated by Muna Abdelhamed)
كيرينايكي الإغريقية
كيرينايكي الإغريقية (كيرينايكي في العصر الإغريقي) كيرينايكي القديمة هي المنطقة الساحلية الشرقية من ليبيا، وكانت تعرف أيضا بالبنتابولس Pentapolis (بمعنى اتحاد المدن الخمس) على الأقل من القرن الأول الميلادي وفق ما أشار إليه بليني Pliny, Naturalis Historia 5.5.5.)): وهن من الغرب إلى الشرق، يوسبريدس/برنيكي (بنغازي) و تاوخيرا/أرسينوي (توكرة) و باركي/ بطوليمايس (طلميثة) وكيريني (شحات) بالإضافة إلى أبولونيا (سوسة). وقد أُسست هذه المدن من قبل المستعمرين الإغريق الذين لم يسيطروا بشكل كامل على أريافها. ويمكن الآن رؤية أطلال العديد من القرى والبلدات الصغيرة التي كانت قد نمت في هذه المناطق المحيطة.
« اتصف عموم الجزء المستوطن من إقليم كيرينايكي بهضبة مرتفعة تسمى الجبل الأخضر، حيث تبرز شمالاً نحو البحر الأبيض المتوسط وتمتد بين خليج السدرة (سرت الكبرى) إلى الغرب والأراضي الساحلية المنخفضة الجافة لإقليم مارماريكا باتجاه الإسكندرية. ترتفع هذه الهضبة إلى درجتين، فبينما يكون الشريط الساحلي في الغرب فسيحاً بين سفح الجبل وبنغازي فإنه يضيق تدريجيا كلما اتجه إلى الشمال الشرقي ويختفي بشكل شبه كلي بعد طليمثة. أما باتجاه الشرق، فالأرض تنخفض بشكل تدريجي وتصبح أكثر جفافاً، لذلك فإن الاستيطان نواحي طبرق يكون ضَئِيلاً... ويتكون الجبل الأخضر بشكل أساسي من الحجر الجيري، ويرتفع إلى أكثر من 800 متر فوق مستوى سطح البحر، ويتمتع بأعلى نسبة من الأمطار أكثر من أي جزء آخر من ليبيا ... والغطاء النباتي والطابع العام لسطح لأرض لكيرينايكي يشبه إلى حد كبير تلك التي في بلاد اليونان وآسيا الصغرى أكثر منه في إقليم طرابلس أو أجزاء أخرى من شمال أفريقيا [Kenrick 2013: 1].
كانت كيرينايكي مأهولة في الأصل من قبل سكان شبه رحل معروفين تقليدياً بالليبين، وقد دلت الاكتشافات الهامة رغم ندرتها على وجود اتصالات بين سكان هذه المنطقة وكل من الميكينيين والمينويين خلال العصر البرونزي، وخلال أواخر القرن السابع قبل الميلاد وما بعده استوطن المستعمرون الإغريق هذا الإقليم، وقد جاء المستوطنين الأوائل الإغريق من ثيرا احدى جزربحر إيجا، وقد قادهم شخص يدعى أريستوتيليس، واستقر هؤلاء بشكل نهائي، بعد محاولتين غير ناجحتين في جزيرة بلاتيا Platea قبالة السواحل الليبية وفي موقع أزيريس Aziris، في موقع كيريني عند التاريخ المتعارف عليه 631 قبل الميلاد (Herodotus 4.150-158) ورابط إلى ([IGCyr² 011000] (النقش المعروف باسم قسم المؤسسين (. أصبح أريستوتيليس ملك كيريني حيث عرف باسم باتوس (Pindarus, Pythia 5.87) ، ثم تبعته سلسلة من ثمانية ملوك في الفترة من 631 حتى 440 ق. م، أُطلق عليهم بالتناوب اسمي باتوس وأركيسلاوس، حتى تم اغتيال آخرهم وهو أركيسلاوس الرابع (205 (Herodotus 4.159).
أنشأ الإغريق في نهاية المطاف أربع مدن أخرى، حيث أُسست يوسبريدس في نهاية القرن السابع ق. م.، بيد أنها اسُتوطنت من قبل قادمين جدد من مدن مختلفة من بلاد الإغريق عام 462 ق.م. بناءاً على مبادرة من ملك كيريني أركيسلاوس الرابع. وفي حوالي 250 ق. م هُجر هذا الموقع واستعيظ عنه بمكان جديد في الجوار سُمي ’برنيكي‘، الذي أخذ اسم زوجة ملك مصر بطليموس الثالث (يورجيتس). أما مدينة تاوخيرا (توكره)، فيُقال أن كيريني كانت قد أسستها بعد بفترة وجيزة من 631 ق. م. وأخذت اسم ملكة مصر ’أرسينوي‘ خلال الفترة الهلنستية (بين 322 و 220 ق. م.، وليس بالضرورة في عام 246 ق م، كما افتُرض حتى وقت قريب). كما بينت الآثار أن المستوطنة المعروفة في العصر الآرخي كميناء لباركي تأسست أيضا في القرن السابع ق. م. رغم أن هيرودوت نسب تأسيس باركي (المرج) نفسها إلى عهد أركيسلاوس الثاني (560- 550 ق. م.)، وأصبح الميناء مدينة باسم بطوليمايس خلال الفترة الهلنستية (قبل 251 ق.م وربما بعد 260 ق.م.) وفي بداية القرن العشرين، أسس الايطاليون قرية جديدة في هذا الموقع التي عرفت باسم Tolemaide، وهي طلميثة الحديثة. أما أبولونيا فقد عُرفت لقرون عديدية كميناء لمدينة كيريني، و ربما مُنحت هذه المدينة اسم أبولونيا تكريما للمؤله [أبوللو] راعي مدينة كيريني و بمناسبة استقلالها عن المدينة الأم في النصف الثاني من القرن الثاني ق. م.
شهد الإقليم بعد نهاية الحكم الملكي في مدينة كيريني صراعاً بين الأحزاب الأرستقراطية والديمقراطية من جهة، والتحالفات بين مدن مختلفة وغارات الليبيين الرحل من جهة أخرى، وقد تميزالوضع في مدينة كيريني نفسها بالصراعات السياسية. وفي عام 401 ق. م. استلمت حكومة ديمقراطية زمام الأمور بعد ثورة شهدتها المدينة: المصالحة التي تلت ذلك أجبرت القلة الأرستقراطية على قبول تسوية مع خصومهم ووضع دستور مشترك (Diodorus 14.34). ومن المحتمل أن يكون هذا الدستور المعتدل هو المرسوم الذي يمثل قسم المؤسسين القديم الذي ينتمي للقرن الرابع ق. م. الربط إلى (IGCyr² 011000). و خلال العقود التالية، وربما في الستينيات على أبعد تقدير، حدثت رَدَّةُ فِعْل عنيفة من قبل الأرستقراطيين في أعقاب النمو السكاني المتزايد الذي لم يعد يُحتمل (Aristoteles, Politica, 1319b)، لذلك أُنْشِئَ نظاماً مشدداً مكوناً من ألف مواطن [[Laronde 1987. بالنسبة ليوسبريدس، فهي تمثل الحالة الأكثر جلاءاً لموقف الضعف، حيث هُوجمت المدينة من قبل القبائل الليبية في عام 414 ق. م.، ولكن تم أنقذها بواسطة الأسطول الإسبرطي بقيادة قيليبوس (Gylippus) الذي وصل صدفةً إلى المدينة بينما كان مبحراً نحو سيراكيوز (Thucydides 7.50).. في عام 331 ق. م. عندما أسس الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا الإسكندرية في مصر- خلال الحملة الآسيوية الناجحة- ثم سار نحو واحة سيوه الصحراوية، أرسل له الكيرينيون سفراء مع هدايا متمثلة في 300 حصاناً وخمس من العربات التي تجرها أربعة أحصنة، ليضمنوا عدم تدخله في شوؤنهم، وليصبحوا أصدقاءاً وحلفاءاً له(Diodorus 17.49.3; Curtius Rufus 4.7.8)
إثر وفاة الإسكندر عام 323 ق. م اُحتُل الإقليم جزئيا من قبل مغامر إسبرطي- كان في السابق مقرباً لأرابالوس صديق الإسكندر- يسُمي ثيبرون، لكن فِئَة من الأرستقراطيين، الذين نفاهم الديمقراطيين من كيريني عندما وصلوا الى السلطة، طلبوا المساعدة من بطليموس، حاكم مصر، أثناء حصار ثيبرون للمدينة [Laronde 1987]. بعث بطليموس جيشاً بقيادة أوفيلاس، فهزم ثيبرون ، لكن الكيرينيين خسروا حريتهم، فقد صدر في كيريني دستور بطليموس الشهير بتاريخ 321 أو 320 ق. م.، بالنيابة عن للملك المقدوني وكان مفروضا على كيريني (رابط إلى IGCyr² 010900]).
منذ الآن صارت كيريني والمدن الإغريقية الأخرى في كيرينايكي تقريباً وبشكل مستمرمن هذا التاريخ فصاعدا في أيدي البطالمة، وكانت هذه المدن تُحكم في الواقع من قبل حاكم يُعين من قبل بطليموس وابنه وسلالة بطليموس الثاني فيلادلفوس (أوفيلاس 322- 308 ق. م وماجاس ربيب بطليموس من 308 أو 300 حتى 258 أو 250 ق. م)، أو تحكم بواسطة ملوك من الأسرة الملكية البطلمية ،على الرغم من أنهم لم يحكموا دائما من الإسكندرية بشكل مباشر. وعَمل ملوك مصر الإغريق في القرنين الثالث والثاني ق. م. على أدخال مجموعات من الناطقين باللغة الإغريقية من أصول متنوعة إلى إقليم كيرينايكي.
تبعت وفاة ماجاس - الذي لأسباب ما أخذ اللقب الملكي في كيريني وعين حكاماً لغيرها من المدن- بضع سنوات من الصراع، ثم عادت كيريني والمدن الإغريقية الكيرينايكية الأخرى مرةً ثانيةً إلى حضيرة الدولة البطلمية مع اعتلاء بطليموس الثالث (يورجيتس) الحكم في مصر في عام 246 ق.م. الذي تزوج برنيكي ابنة ماجاس، ويُبين نقش وجد في عدوليس (Adoulis) (OGIS I 54) أن هذا الملك يؤكد أنه حصل علي ليبيا عن طريق الوراثة من والده [Bagnall 1976].
لم يتغير وضع كيريني إلا في عام 163 ق.م.، فقد نتج عن الصراع بين الملوك الأشقاء بطليموس السادس (فيلوماتر) وبطليموس الثامن (يورجيتس الثاني) اتفاق في سنة 163 ق.م. الذي بموجبه يكون لبطليموس السادس مُلك مصر وممتلكات أخرى في الخارج، و تكون كيرني مملكةً لبطليموس الثامن. وبعد عام واحد ثارت كيريني بمساعدة بطليموس سيمبيتيسيس وهوالحاكم المُعين من قبل بطليموس الثامن لكل إقليم كيرينايكي (Polybius 31.18.6-7). وفي سنة 145 ق.م. عندما أصبح بطليموس الثامن ملكاً لمصر وبذلك انتهى وضع كيريني المنفصل واستمرت تحت سيطرته حتى وافته المنية عام 116 ق.م.، ويُعرف من نقش وجد في مدينة كيريني أن هذا الملك كان قد أوصى بمملكته إلى روما في حال مات ولم يكن له وريث (SEG 9.7)، وبما أنه في واقع الأمر قد ترك من يخلفه فقد ظلت كيرينايكي في أيدي البطالمة [Bagnall 1976].
عموماً ليس هناك اتفاق حول مَنْ سيطر على الإقليم خلال الربع الأخير من القرن الثاني ق.م.، فعلى الرغم من شهادة جوستين (Iustinus 39.5.2) الذي كتب أن بطليموس الثامن ترك كيريني لبطليموس أبيون- ابنه من محظيتة إيريني - تشهد المصادر الكتابية (النقوش) أن الابن الشرعي لبطليموس الثامن هو بطليموس التاسع (سوتر الثاني)، ملك مصر من عام 116 حتى 108/7 ق.م.، ظل يسيطر على كيريني حتى فترة ما بين السنوات 104 و 101 ق.م. ووفقاً للمصادر الأدبية، توفي بطليموس أبيون في 96 ق.م مُوصياً بكيرينايكي لروما، وإثر ذلك آل الإقليم إلى السيطرة الرومانية، ومع ذلك، لم يبدأ حكمهم الفعلي إلا بعد مرور أكثر من 20 عامًا. (إعداد: أليس بينسيفيني. مراجعة: شارلوت روشي. ترجمة: منى عبدالحميد).
Alice Bencivenni (rev. Charlotte Roueché; translated by Muna Abdelhamed)
الدراسات
بدأ الرحالة والبُحاث الأوروبيون زيارة كيرينايكي بالفعل في القرن الثامن عشرالميلادي، على الرغم من صعوبة الوصول إلى المنطقة منذ أن ضُمت للإمبراطورية العثمانيون في القرن السادس عشر، وكان هؤلاء الرحالة الأوائل يرغبون في نسخ النقوش، وفي كثير من الأحيان كان طموحهم أكبر، فكانوا يتطلعون إلى التعرف على الآثار القديمة [Laronde 1987: 18]، فقد زار القنصل الفرنسي في طرابلس، كلود لومير(Claude Le Maire) كيريني سنة 1706، وكتب عنها باختصار وقام بنسخ أول نقش هو (رابط إلى IRCyr2020 C.316) [Le Maire in Lucas 1712; cf. Omont 1902] ، كما ذهب الطبيب الفرنسي جرانيي (Granger)، تحت الاسم المستعار فيليكس توركوت (Félix Tourtachot) الى مدينة كيريني في الثلاثينيات من القرن الثامن عشر، ونسخ تقريباً ثلاثة نقوش أضيفت في وقت لاحق إلى أوراق ميشيل فورمو(Michel Fourmont) أستاذ الكلية الفرنسية (Collège de France) [Laronde 1987: 18-19]. ويُعد الطبيب الإيطالي باولو ديلا شيلا (Paolo Della Cella) أول رحالة يقوم بزيارة واسعة لأثار كيرينايكي وذلك خلال عام 1817م، حيث قدم على وجه الخصوص وصفًا كيريني وأبولونيا [Della Cella 1819]، وحيث أنه متحصل على قسط جيد من التعليم الكلاسيكي تمكن من نسخ نقوش مكتوبة باللغتين الإغريقية واللاتينية. وفي عام 1819 زار الأب باسيفيكو (Pacifico) من مونتي كاسيانو (Monte Cassiano) المدن الخمس (Pentapolis) وترك وصفاً موجزاً لذلك مصحوباً ببعض النقوش المنسوخة [نُشر في Delaporte 1825]. وفي وقت لاحق زار الرسام الفرنسي جـان-ريـمون باشو (Jean-Raimond Pacho) كيرينايكي في الفترة ما بين عامي 1824-1825 حيث قدم تقريراً مفصلاً لرحلته التي نشرت بعد وفاته، مشيراً إلى قيامه بنسخ عدد كبير من النقوش من كيريني وتاوخيرا وباركي [Pacho 1827]. كل هذه الأعمال، بالإضافة إلى بعض النسخ الأخرى للدنماركي جرابر ديهيمسو (J.C. Graber de Hemsö)، الذي كان قنصلاً في طرابلس، والبعض الآخر الذي ربما منها تلك التي أعدها الأب باسيفيكو(Father Pacifico) سلمت إلى قنصل سردينيا في طرابلس بيترو نيجري (Pietro Negri). وكانت هذه جميعاً المصادر الرئيسية التي تضمنتها الطبعة الخاصة بنقوش كيرينـايكي الإغـريقـية الـمـعـدة التي ضمنهـا كـل مـن يوهـانس فرانز(Johannes Franz) وأغسـطس بـويكـه (August Boeckh) في المجلد الثالث من مجموعة النقوش الإغريقية ("CIG"Corpus Inscriptionum Graecarum:) [Berlin 1853: pars XXXI nos.5129-5362b].
وفي عـام 1822 دعـمت الـبحرية الـبريطانية رحـلة استـكشافية بقيادة الأخوين فريدريك وهنري بيتشي (Frederick and H. George Beechey) كانت حصيلتها الأولية رسم خريطتين مهمتين لكيريني [Beechey 1828: 404-405; 430-431]. ، وقد دفعت هذه الرحلة، وليام وارينقتون (W. Warrington) نائب القنصل البريطاني في طرابلس إلى إرسال بعثتين في عامي 1826 و1827 مع الإعلان بأن الغرض منهما هوتجميع الآثار، وقد كانتا تحت إشراف ابنيه فريدريك وهانمير جورج وارينقتون (Frederick and H. George Warrington). ومن نتائج هذا العمل نقل نقشاً واحداً إلى انجلترا حيث وُزع بين خمسة صناديق [Luni 1998: 336]. كُلف أيضاً نائب القنصل الفرنسي في طرابلس ثم في بنغازي جان فاتيه ديبورفيل (Jean Vattier de Bourville) من قبل حكومته بمهمة في السنوات 1847-1848، تضمنت ضرورة الاهتمام ببعض النقوش خلال الحفريات التي كان يجريها في بنغازي وكيريني وطلميثة، حيث أزال نقش الإمبراطور البيزنطي أنستاسيوس من جدار الحصن في طلميثة ونقله الى فرنسا ومعروض الآن في متحف اللوفر. هذه النقـوش، أشـار إليها لاتـروني (A.-J. Letronne) [1848; 1848-1849] وأعـاد نشـرها فاتيه ديـبورفيل (Vattier de Bourville)، وأدرجت في ملاحق (Addenda) المجلد الرابع من CIG [Berlin 1859].
وتُعد بعثتة التنقيب التي قادها روبيرت مردوك سميث (R. Murdoch Smith) وإدوين أ. بورشر (Edwin A. Porcher) في عامي 1860 و1861 أول حفريات أثرية "علمية" في كيرينايكي [Kenrick 2013] حيث استهلا التنقيب في مدينة كيريني على نفقتهم الخاصة، ثم في وقت لاحق قامت الحكومة البريطانية بتمويلهم، وقد اكُتشفا في هذه الحفريات حوالي ثلاثين نصاً جديداً.
وقد أدرجت هذه النقوش الإغريقية الجديدة في مجموعتين مهمتين خاصة بالنقوش الأمر الذي جعلها معروفة لجمهور أوسع وهما كما يلي: 1905, the Sammlung der griechischen Dialekt-Inschriften (SGDI), by Hermann Collitz and Friedrich Bechtel (III.2, 4833-4870); 1923, the Dialectorum graecarum exempla epigraphica potiora (DGE), by Eduard Schwyzer.
شكل الأميركيون بقيادة ريتشارد نورتون (Richard Norton) في سنتي 1910 -1911 البعثة التالية المخولة للعمل بمدينة كيريني، وأثناء الحفريات في 11 مارس 1911 ولأسباب غير معروفة اغتيل هيربرت ديكو (Herbert de Cou) دراس النقوش في البعثة بطلق ناري، وقد اتضحت نتائج العمل الواعد للبعثة من خلال المقال الذي قدمه د. م. روبنسون (D.M. Robinson) بعنوان (نقوش من كيرينايكي) في عام 1913 المنشور في المجلة الأمريكية لعلم الآثار The American Journal of Archaeology [17, 1913: 157-200; أنظر. 193-200 لتصحيحات CIG التي تلت ملاحظات H. de Cou].
في العام نفسه 1910، قاد عالم الآثار الإيطالي فيديريكو هالبير (Federico Halbherr) بعثة إلى ليبيا بدعم من الحكومة الإيطالية وبمُباركة الأتراك، وقد كان جايتانو ديسانكتيس (Gaetano De Sanctis) ضمن الفريق، ويمكن إيجاد العديد من رسومات النقوش التي أعدها هالبير (Halbherr) ضمن محفوظاته المودعة في Accademia Roveretana degli Agiati [Paci 1991].
بدأ الإيطاليون بعد غزوهم ليبيا في عام 1911، بالتقصي حول آثار كيرينايكي بشكل ممنهج، خاصة في كيريني (شحات) بالإضافة إلى طلميثة وأبولونيا (سوسة) في الفترة ما بين من 1912 حتى 1942. ففي عام 1912 أُنشىء مكتب لإدارة الآثار في كيرينايكي، ومنذ عام 1925 فصاعدا شكلت بعثة اثرية استثنائية (Extraordinary Mission) تعمل بالإقليم في كل صيف. رغم ارتباط هذه الحفريات المنتظمة بالاحتلال العسكري الذي أدى إلى حدوث مشاكل لم يكن بالامكان تجنبها، منها عدم الاهتمام أو اظهارعدم الاكتراث بوجوب الحفاظ على البقايا الأثرية، فقد كان لهذه الحفريات اسهاماً فعلياً في معرفة المواقع والنقوش الموجودة بها.
ظهرت الكثير من المنشورات المهمة خلال هذه الفترة في المجلة الإيطالية المُسماه أخبار أثرية (1915-1927 Notiziario Archeologico)، وفي سلسلة أفريقيا الإيطالية (1927-1941 Africa Italiana)، وبالفعل نشر سيلفيو فيري (Silvio Ferri) في عام 1925 بعض النصوص الأساسية مثل دياجراما بطليموس (رابط إلى IGCyr² 010800)، وصدر في عام 1928 عدد خاص من (Rivista di Filologia e di Istruzione Classica) كُرس بالكامل لنقوش من كيرينايكي، بالإضافة إلى ذلك نشر اوليفيريو (Gaspare Oliverio) في الفترة 1930-1936 مجلدين أساسيين عُرفا باسم Documenti antichi dell'Africa.
إن الشعور بضرورة تخصيص جسم يجمع النقوش الإغريقية الكيرينايكية صار أمرأ ملحاٌ. حيث جمع ج. ج. إ. هنديوس (J.J.E. Hondius) المجموعة الأولى من النقوش في المجلد (19. (SEG, Supplementum Epigraphicum Graecum عام 1939، والثانية في المجلد (9.2 (SEG في عام 1944، وعلى الرغم من أن هذا النشرالشامل للنقوش المُعد في السنوات ما بين 1912-1935 قد استكمل بفهرس، إلا أنه لا يمكن اعتباره مجموعة واحدة ولم يُعد ليكون كذلك، حيث يفتقد إلى الصور، وعلى الرغم من اقتراح بعض القراءات الجديدة فإن أياً منها لم يكن مبنياً على معاينة مباشرة بالنصوص الأصلية [Laronde 1987: 19-20].
باندلاع الحرب العالمية الثانية انتهى الاحتلال الإيطالي لليبيا وتوقف النشاط الأثري لفترة زمنية، فلم يتمكن غاسباري أوليفيريو(Gaspare Oliverio) الذي توفي في عام 1956 من نشر النقوش المكتشفة في السنوات التي سبقت الحرب مباشرة، حيث لم يُنشر عمله المسمى (SECir) "Supplemento Epigrafico Cirenaico " إلا في عامي 1961-1962 بواسطة جيوفاني بوغليسي كارتيلي (Giovanni Pugliese Carratelli) ودوناتو موريلي (Donato Morelli).
أبقت الإدارة العسكرية البريطانية المسؤولة عن كيرينايكي على التركيبة الإيطالية لمصلحة الآثار حتى إقامة دولة مستقلة في ليبيا من قبل الأمم المتحدة في نهاية عام 1951، وقد كثف العلماء الإنجليز نشاطهم الآثاري خاصة أولئك العاملين في المدرسة البريطانية في روما. بدأ كل من مدير المدرسة جون وارد بيركنز(John Ward Perkins) والطالبة جويس م. رينولدز (Joyce M. Reynolds) بالسفر إلي ليبيا، وفي عام 1952 قاما بنشر نقوش إقليم المدن الثلاث الرومانية (Inscriptions of Roman Tripolitania). وكان ريتشارد غودتشايلد (Richard Goodchild) المراقب الإنجليزي لمصلحة الآثار في الفترة 1953-1966، قد نفذ أعمال تنقيب في توكرة وطلميثة وكيريني وفي بعض المواقع الريفية، حيث عثر على العديد من النقوش الإغريقية واللاتينية وقام بنشرها إما بمفرده أو بمساعدة من جويس رينولدز(Joyce Reynolds)، ولذا خُطط في البداية لإعداد مجموعة لنقوش الفترة الرومانية لكنها لم تبصر النور. وتتضمن إنجازات غودتشايلد تجديد انخراط العلماء الإيطاليين في الحفريات تحت إشراف ساندرو ستوكي (Sandro Stucchi)، فضلاً عن تشجيع البعثات الأجنبية الأخرى كالأميركية في طلميثة والفرنسية في أبولونيا، بالإضافة إلى تدريب آثريين ليبيين. إن عمل هـذه السنوات ومشـاركة مصلحـة الآثار المحلية يمكن تقديره مـن خلال وقــائع المؤتمر التاريخي (ليبيا في التاريخ Libya in History ) الذي عُقد عام 1968 في الجامعة الليبية ببنغازي والمقالات المنشورة في مجلة ليبيا القديمة Libya Antiqua – طرابلس، التي بدأت بالصدور عام 1964. وفيما يتعلق بالنقوش، ينبغي الإشارة هنا إلى نقوش كيريني التي نشرها بيتر مارشال فريزر(Peter Marshall Fraser) عام 1958 وكذلك أعمال ليديو جاسبيريني باحث النقوش بالبعثة الايطالية وأشرف عليها ستوكي (1965؛ 1967:Lidio Gasperini).
بعد الثورة في عام 1969 وبروز معمر القذافي، واصلت مصلحة الآثار العمل جنبا إلى جنب مع العديد من البعثات الأجنبية، على الرغم من عدم حصولها على فرصة اتخاذ مبادرات من تلقاء نفسها كما كانت في وقت غودتشايلد (Goodchild) [Kenrick 2013: 17]، حيث عملت بعثة أمريكية في مدينة كيريني في الحرم الموجود بوادي بالغدير في السنوات 1969-1978 وقامت جويس رينولدز(Joyce Reynolds) في عام 2012 بنشر النقوش التي عُثر عليها هناك، أما البعثة الإيطالية في كيريني فقد ترأسها بعد وفاة Stucchi ستوكي، ليديانو باكيلي (Lidiano Bacchielli) في الفترة من 1991حتى 1996، ثم ماريو لوني خلال الأعوام من 1996 إلى 2012، وكان ليديو جاسبيريني (Lidio Gasperini) وجيانفرانكو باتشي (Gianfranco Paci) وسيلفيا ماريا مارينقو(Silvia Maria Marengo). في السنوات الأخيرة ، تعاون دارسو النقوش إميليو روزاميليا (Emilio Rosamilia) وستيفانو ستروفولينو (Stefano Struffolino) مع بعثات من جامعة أوربينو (برئاسة أوسكار مي Oscar Mei) وكييتي (برئاسة أوليفا مينوزي Oliva Menozzi) وكامبانيا (برأسة سيرينا إنسولي Serena Ensoli). كما عملت بعثة فرنسية في أبولونيا بإشراف فرانسوا شامو (François Chamoux) منذ عام 1976 واستمرت حتى عام 1981 ثم أشرف عليها أندريه لاروند (André Laronde) في الفترة مابين 1981 و2011 أما الآن فيشرف عليها فنسن ميشيل (Vincent Michel)ن وقد اختصت كاثرين دوبياس- لالو (Catherine Dobias-Lalou) بدراسة النقوش بصفتها عضواً في البعثة منذ بداياتها، وفيما يتعلق بالبعثات البريطانية فقد عملت في مدينة بنغازي، واحدة كانت في موقع برنيكي في السنوات من 1971 إلى 1975، وأخرى في يوسبيريديس خلال المدة بين 1995 و2006، في حين شرعت البعثة البولندية العمل في طلميثة منذ عام 2001.
ظهرت بعض المنشورات المميزة في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، ومن أهمها في مجال النقوش دراسة النصوص الإغريقية الجديدة وكذلك تطوير القديمة منها، مجلدين أعدا من قبل جون بوردمان (J. Boardman) وهايز (J. Hayes) تحت عنوان (Excavations at Tocra 1963-1965) [London 1966, 1973]، وعمل أندريه لاروند (André Laronde) الهام بعنوان: Cyrène et la Libye hellénistique. Libykai historiai de l'époque républicaine au principat d'Auguste [Paris 1987]. بالإضافة إلى مقال فرانسوا شامو(François Chamoux) تحت عنوان (Les comptes de démiurges à Cyrène) [Neuchâtel 1988].
وقد شهدت السنوات الخمس وثلاثين الأخيرة زيادة في الأبحاث الخاصة بالنقوش لاسيما تلك المتعلقة بقضايا معينة مرتبطة بتاريخ الإقليم، مثل الأحداث السياسية والعسكرية والتركيبة السكانية القديمة في كيرينايكي والاتصالات مع شعوب أخرى من عالم البحر المتوسط والمؤسسات والعبادات و البروسوبوقرافيا (prosopography) والتسميات onomastics واللهجة والأرقام الكيرينية الأصلية والآثار والطبوغرافيا، ونُشرت في الوقت نفسه العديد من النقوش الجديدة في مقالات [انظر المـراجـعـات التحليلية التي ظـهـرت في Quaderni di Archeologia della Libia romana وفي سلسلة L'Africa romana . إن الطبعة الحديثة التي توثق مجموعة نقوش كيرينايكي الإغريقية لا يمكن تأجيلها أكثرمن ذلك.
يتمتع الفريق الذي يقوم بإعداد مجموعتي IGCyr وGVCyr بباع طويل في الأبحاث المكرسة لكيرينايكي وعلى وجه الخصوص، وقد قامت كاثرين دوبياس- لالو (Catherine Dobias-Lalou) الباحثة التي تقود مشروع النقوش بصفتها عضواً في البعثة الأثرية الفرنسية في ليبيا منذ عام 1976، بزيارت منتظمة للإقليم حتى قيام الثورة عام 2011. وقد بدأ اهتمامها الفعلي بنقوش كيرينايكي في سبعينيات القرن الماضي حيث كتبت العديد من المقالات خلال الثمانينيات والتسعينيات المتتعلقة بلغة النقوش الإغريقية والتسميات الكيرينية والاختلاف بين اللهجة الكيرينية والكويني (koiné)- التي ظهرت بكيرينايكي خلال العصر الهللنستي، فضلا عن دراسة المفردات الخاصة بنصوص الشعر الكيريني، وفي عام 2000 صدرعملها الشامل المتخصص حول اللهجة التي كتبت بها نقوش كيريني بعنوان (Le dialecte des inscriptions grecques de Cyrène)، ولها في ذات الوقت أبحاث في مجالات أخرى أثرت التزامها نحو نقوش كيريني إلى جانب استمرار اهتمامها بالنواحي اللغوية، وهذا افضى إلى سلسلة من المقالات حول النصوص الهامة والنقوش الجديدة، وقد كانت كاثرين دوبياس- لالو (Catherine Dobias-Lalou) مسؤولة أيضا منذ عام 1988على قسم (Cyrénaïque et Afrique Mineure) في مجلة (Épigraphique in the Revue des Études Grecques). كما كان لكل من جيانفرانكو باتشي (Gianfranco Paci) وسيلفيا ماريا مارينقو(Silvia Maria Marengo) دوراً في تطوير الدراسات المتعلقة بنقوش الإقليم. حيث يعود فضل الأول لعمله في هذا المجال ولمنشوراته المتضمنة نصوص جديدة، كما يعود فضل مارينقو لعملها الأساسي المعنون بـ (Lessico delle iscrizioni greche della Cirenaica) لعام 1991 بالإضافة إلى العديد من المقالات حول النقوش القديمة والجديدة. ودرست ايضاً المؤرخة وعالمة البرديات لوتشيا كريسكولو (Lucia Criscuolo) كيرينايكي بسبب اهتمامها بالفترة البطلمية للإقليم وأسهمت في تفسير معظم نقوش كيريني التاريخية المهمة.
في أعقاب الثورة يبدو أن ليبيا أصبحت تواجه "فترة تغييرلا نظير لها" وكان "الأمل كبير جداً في هذا" وأنها تكون قد "جلبت المزايا الجديدة لعلم الآثار والسياحة على حد سواء، وأن هذا’ يؤدي إلى ‘درجة من الوعي العام للتاريخ والآثار بين الليبيين أنفسهم الذين لم تتح لهم في السابق فرصة المشاركة’ [Kenrick 2013: 17]. انطلق مشروع IGCyr في نفس الفترة ذاتها و بالروح نفسها.
وكانت الخلاصة أن "كل شيء غير مؤكد للغاية منذ عام 2013، والبعثات الأثرية مستحيلة، ومعظم البعثات الدبلوماسية الأجنبية مغلقة أو انتقلت إلى بلد آخر؛ لكن العلماء الذين يُمنعون من زيارة ليبيا يمكنهم تقييم عملهم في هذه المرحلة، ويسعون على جعله متاحًا بشكل كامل أكثر من أي وقت مضى، على أمل توفير مورد غني للمنح البحثية الليبية في المستقبل". (إعداد: أليس بينسيفيني. مراجعة: شارلوت روشي. ترجمة: منى عبدالحميد).
ملحق 2023: بعد مضي اثني عشر عامًا على ثورة 2011 لا يزال الوضع في ليبيا غير آمن، وأعضاء مصلحة الآثار مخلصون للغاية لمهمتهم في الحفاظ على الآثار، لكن التحدي كبير، حيث يجب عليهم النضال ضد الدمار بفعل البشر والطبيعة: فأعمال البناء الجديدة في المناطق المحمية نظريًا من قبل اليونسكو والحفريات غير المشروعة تشكل مصدر قلق دائم، في حين السماح لأعضاء البعثات الأجنبية بالبقاء لفترة محدودة للغاية فإنه لا يمكنهم المساعدة بقدر ما يريدون، ومع ذلك، وبمساعدة تقنيات الاتصال الحديثة لم تنقطع الاتصالات أبدًا، ولا يزال التعاون نشطًا، مما أدى إلى نشر منشورات في مجلة االمصلحة (ليبيا القديمة)، ولم يكن التعاون بين البعثات الأجنبية أكثر فعالية مما كان عليه في تلك السنوات الصعبة، كما يشهد على ذلك الإنجاز الحالي. وقد أدت الرغبة في المساهمة بشكل مشترك في بحوث النقوش حول ليبيا إلى إنشاء شبكة دولية (شبكة أبحاث النقوش الليبية Libyan epigraphy Research Network: [رابط إلى LERN]) التي تتجاوز إطار InsLib السابق وتهدف إلى ضمان استمرارية المجموعة ومحتوياتها وتحديثها التدريجي على أساس تطوعي.
Alice Bencivenni (rev. Charlotte Roueché; translated by Muna Abdelhamed)